🎯 نتائج البحث
🌀 كتاب الله معصوم عن الخطأ .
🌀 ولكن أفهام المفسرين غير معصومة .
🌀 أقوال المفسرين ليست سوى اجتهادات منهم للوصول إلى المعنى الصحيح للنص القرآني .
🌀 اجتهادات المفسرين قد تصيب وقد تخطئ .
🌀 قد تجتمع أقوال المفسرين على فهم خاطئ للنص القرآني .
🌀 من الأمثلة التي اجتمعت فيها أقوال المفسرين على قول خاطئ : تفسير آية الماء الدافق ، حيث تواطأت تفسيراتهم للآية بأن مني الرجل يخرج من بين ظهره وصدره إما ابتداء وإما أثناء خروجه .
🌀 النص القرآني حمال أوجه .
🌀 يغير المفسرون تفسيراتهم من وجه لآخر كلما تطور العلم والمعرفة .
🌀 لا يصح الاعتراض على ما أثبته العلم التجريبي بسبب مخالفته لأفهام المفسرين ، لأن أفهام المفسرين غير معصومة .
🌀 وبالتالي لا يصح الاعتراض على نظرية التطور بسبب مخالفتها لأقوال المفسرين في مسألة أصل الخلق ، خصوصا مع وجود آيات متعددة يمكن تفسيرها بشكل يتلاءم مع نظرية التطور .
🌀 كتاب الله معصوم عن الخطأ .
🌀 ولكن أفهام المفسرين غير معصومة .
🌀 أقوال المفسرين ليست سوى اجتهادات منهم للوصول إلى المعنى الصحيح للنص القرآني .
🌀 اجتهادات المفسرين قد تصيب وقد تخطئ .
🌀 قد تجتمع أقوال المفسرين على فهم خاطئ للنص القرآني .
🌀 من الأمثلة التي اجتمعت فيها أقوال المفسرين على قول خاطئ : تفسير آية الماء الدافق ، حيث تواطأت تفسيراتهم للآية بأن مني الرجل يخرج من بين ظهره وصدره إما ابتداء وإما أثناء خروجه .
🌀 النص القرآني حمال أوجه .
🌀 يغير المفسرون تفسيراتهم من وجه لآخر كلما تطور العلم والمعرفة .
🌀 لا يصح الاعتراض على ما أثبته العلم التجريبي بسبب مخالفته لأفهام المفسرين ، لأن أفهام المفسرين غير معصومة .
🌀 وبالتالي لا يصح الاعتراض على نظرية التطور بسبب مخالفتها لأقوال المفسرين في مسألة أصل الخلق ، خصوصا مع وجود آيات متعددة يمكن تفسيرها بشكل يتلاءم مع نظرية التطور .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 خلاصة المعلومات الواردة في البحث
☀ أطبق جمع كبير من المفسرين على مدى ١٤ قرنا على أن المقصود بآية الماء الدافق هو أن المني يخرج من بين ظهر الرجل وصدره ، إما ابتداءً أو مروراً .
☀ ذكر المفسرون في القرون الثلاثة الأولى أن مني الرجل ينشأ ويخرج من ظهره ، ومنهم : عكرمة ومقاتل وابن زيد العدوي والشافعي والفراء والطبري وابن أبي حاتم .
☀ تمت ترجمة كتب أطباء اليونان أبقراط وجالينوس إلى اللغة العربية في أواخر القرن الثالث الهجري ، وبدأت معلومات تلك الكتب بالانتشار بين المسلمين .
☀ قال أبقراط وجالينوس بأن المني يتولد من جميع أجزاء الجسم ثم يتجمع في الظهر ثم ينزل في قناة خاصة تمر بالخصيتين حتى يخرج .
☀ حاول بعض المفسرين تعديل تفسير الآية كي يتوافق مع أقوال أطباء اليونان ، ومنهم : القرطبي والبيضاوي والخازن وابن عادل وبدر الدين العيني والبقاعي والشربيني وأبو السعود والخلوتي والمظهري والشوكاني والقنوجي والبنتني .
☀ قال أبقراط وجالينوس بأن المني يتولد من جميع أجزاء الجسم ثم يتجمع في الظهر ثم ينزل في قناة خاصة تمر بالخصيتين حتى يخرج .
☀ حاول بعض المفسرين تعديل تفسير الآية كي يتوافق مع أقوال أطباء اليونان ، ومنهم : القرطبي والبيضاوي والخازن وابن عادل وبدر الدين العيني والبقاعي والشربيني وأبو السعود والخلوتي والمظهري والشوكاني والقنوجي والبنتني .
☀ وطعن بعض المفسرين بأقوال الأطباء لأنهم ظنوا أنها معارضة للنص القرآني ، ومنهم : ابن العربي والفخر الرازي والكوراني والشهاب الخفاجي والآلوسي .
☀ أثبت الطب الحديث في القرن الهجري الرابع عشر أن المني لا يخرج من بين الظهر والصدر ولا يمر من بينهما .
☀ وأثبت الطب الحديث أن المني يتكون في الحويصلات المنوية وغدة البروستاتا ، ثم يتجمع في الخصيتين .
☀ وأثبت الطب الحديث أن بدء تشكل الخصيتين في الأجنة يكون في منطقة بين الصدر والظهر في الأسابيع الأولى من الحمل ، وأن الخصيتين لا تنزلقان لموضعهما المعروف إلا في أواخر أسابيع الحمل .
☀ قام بعض المفسرين بتعديل تفسير الآية كي يتوافق مع ما أثبته الطب الحديث ، ومنهم : القاسمي والمراغي .
☀ التفسير المنتشر حاليا هو التفسير المتوافق مع الطب الحديث والمخالف لما تواطأ عليه مشاهير المفسرين ورؤوسهم على مدى ثلاثة عشر قرنا .
☀ احتوت أقوال المفسرين على معلومات أخرى أثبت الطب الحديث بطلانها .
☀ احتوت أقوال المفسرين على معلومات أخرى أثبت الطب الحديث بطلانها .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 المرحلة الأولى : أقوال المفسرين في القرون الثلاثة الأولى وقبل ترجمة كتب الطب اليوناني
١ - ابن عباس (ت٦٨هـ)
في تفسير ابن أبي حاتم : (عن ابن عباس .. قال : صلب الرجال وترائب المرأة ، لا يكون الولد إلا منهما) ، وقال الطبري : (عن ابن عباس : موضع القلادة ، وعنه أيضا : يخرج من بين ثدي المرأة … وعن ابن عباس : الترائب أطراف الرجل واليدان والرجلان والعينان ) .
٢ - سعيد بن جبير (ت٩٥هـ)
قال الطبري : (عن سعيد في قوله : يخرج من بين الصلب والترائب ، قال : الترائب : الأضلاع التي أسفل الصلب) .
٣ - عكرمة البربري (ت١٠٥هـ)
قال الطبري : (عبدالله بن النعمان الحداني ، أنه سمع عكرمة يقول : يخرج من بين الصلب والترائب ، قال : صلب الرجل وترائب المرأة … وعن عكرمة : إنه على رجعه لقادر ، قال : إنه على رده في صلبه لقادر) .
٤ - الضحاك بن مزاحم (ت١٠٦هـ)
قال الطبري : (عن الضحاك : يخرج من بين الصلب والترائب ، قال : الترائب : اليدان والرجلان … عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يخرج من بين الصلب والترائب : عيناه ويداه ورجلاه) .
٥ - عطاء بن أبي رباح (ت١١٤هـ)
قال الواحدي في تفسيره : (قال عطاء : يريد صلب الرجل وترائب المرأة لا يكون إلا من المائين) .
٦ - قتادة (ت١١٨هـ)
قال الطبري : (وعن قتادة : يخرج من بين صلب الرجل ونحره) .
٧ - معمر بن أبي حبيبة (توفي قريبا من ١٣٠هـ)
قال الطبري : (وعن معمر بن أبي حبيبة : الترائب : عصارة القلب ، ومنه يكون الولد) .
٨ - الأعمش (ت١٤٧هـ)
في تفسير عبدالرزاق : (عن الأعمش أنه كان يقول : يخلق العظام والعصب من ماء الرجل ، ويخلق الدم واللحم من ماء المرأة) .
٩ - مقاتل بن سليمان (ت١٥٠هـ)
ورد في التفسير المنسوب إليه : (خلق من ماء دافق ، ثم فسر الماء الدافق فقال : إنه خلق من ماء الرجل والمرأة والتصق بعضه على بعض فخلق منه . يخرج ذلك الماء من بين الصلب والترائب : يقول من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، والترائب موضع القلادة ، فأما ماء الرجل فإنه أبيض غليظ منه العصب والعظم ، وأما ماء المرأة فإنه أصفر رقيق منه اللحم والدم والشعر) .
١٠ - سفيان الثوري (ت١٦١هـ)
في تفسير عبدالرزاق : (عن الثوري : ... من صلب الرجل وترائب المرأة) .
في تفسير عبدالرزاق : (عن الثوري : ... من صلب الرجل وترائب المرأة) .
١١ - الإمام الشافعي (ت٢٠٤هـ)
قال في الأم : (فأما الولد فشيء ليس من الذكر . إنما هو بمني يخرج من الصلب . قال الله عز وجل : يخرج من بين الصلب والترائب . الآية . وعن الشافعي : يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة) .
١٢ - الفراء (ت٢٠٧هـ)
قال في معاني القرآن : (وقوله عز وجل : يخرج من بين الصلب والترائب ، يريد : من الصلب والترائب ، وهو جائز أن تقول للشيئين ليخرجن من بين هذين خير كثير ، ومن هذين . والصلب : صلب الرجل ، والترائب : ما اكتنف لبات المرأة مما يقع عليه القلائد) .
قال في معاني القرآن : (وقوله عز وجل : يخرج من بين الصلب والترائب ، يريد : من الصلب والترائب ، وهو جائز أن تقول للشيئين ليخرجن من بين هذين خير كثير ، ومن هذين . والصلب : صلب الرجل ، والترائب : ما اكتنف لبات المرأة مما يقع عليه القلائد) .
١٣ - أبو جعفر جعفر الطبري (ت٣١٠هـ)
قال في تفسيره : (وقوله : يخرج من بين الصلب والترائب ، يقول : يخرج من بين ذلك ، ومعنى الكلام : منهما ، كما يقال : سيخرج من بين هذين الشيئين خير كثير ، بمعنى : يخرج منهما) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 ترجمة كتب اليونان إلى اللغة العربية في القرن الهجري الثالث ، وتأثير أقوالهم على المفسرين
🔴 قال جالينوس في كتاب المني : (إن الشريان والوريد بداية من الأوعية ينزلان عبر العمود الفقري إلى الخاصرتين حتى يصلان إلى ما يسمى بالبربخ ، والكثير من القنوات المنوية تنبع منهما إلى الخصيتين) .
🔴 وقال أبقراط : (عند الرجل تنفصل المادة التي بها رغوة عن المادة الأكثر قوة والأكثر دسمة التي تصل للنخاع الشوكي ، لأنها تصل من كل أنحاء الجسد ، ثم تنحدر من المخ نحو منطقة الخصر … يجتاز المني منطقة الكلى ، ثم يجتاز المني منطقة الخصية حتى يبلغ القضيب ، لكن ليس عن طريق القناة البولية ، بل عن طريق قناة أخرى) .
🔴 وقال أبقراط : (عند الرجل تنفصل المادة التي بها رغوة عن المادة الأكثر قوة والأكثر دسمة التي تصل للنخاع الشوكي ، لأنها تصل من كل أنحاء الجسد ، ثم تنحدر من المخ نحو منطقة الخصر … يجتاز المني منطقة الكلى ، ثم يجتاز المني منطقة الخصية حتى يبلغ القضيب ، لكن ليس عن طريق القناة البولية ، بل عن طريق قناة أخرى) .
🔴 وقال ابن النفيس في شرح تشريح القانون لابن سينا : (وقد بينا في غير هذا الكتاب أن الأصل في المني والخميرة فيه هو ما ينزل من الدماغ … وقد قال الإمام الفاضل أبقراط : إذا نزل المني ووصل إلى مخ عظم الظهر تميز فيه ، ثم ينزل في مجار له في الكليتين) .
🔴 وقال ابن سينا في القانون : (وأبقراط يقول ما معناه أن جمهور مادة المني هو من الدماغ ، وأنه ينزل في العرقين الذين خلف الأذنين ، ولذلك يقطع فصدهما النسل ويورث العقر … ولم يعرف جالينوس هل يورث قطع هذين العرقين العقر أم لا) .
والذي ترجم كتب جالينوس وغيره إلى العربية هو حنين بن إسحاق ، قال ابن أبي أصيبعة في كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء : (ولجالينوس من المصنفات كتب كثيرة جدا ، وهذا ذِكر ما وجدته منها منتشرا في أيدي الناس مما قد نقله حنين بن إسحاق العبّادي وغيره إلى العربي وأغراض جالينوس في كل كتاب منها) ، وقال الذهبي في السير : (مات في صفر سنة ٢٦٠هـ) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 المرحلة الثانية : أقوال المفسرين بعد ترجمة كتب أطباء اليونان
قال في تفسيره : (يخرج من بين الصلب والترائب ، اختلف في تأويله ، فمنهم من يقول : بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي الأضلاع الثمانية : أربع عن يمينها ، وأربع عن يسارها . وقال بعضهم : والترائب هي الأطراف . وقال بعضهم : والترائب موضع القلادة منها . وقال بعضهم : والترائب ما دون التراقي وفوق الصدر . ثم من الناس من صرف تأويلها إلى الرجل خاصة ، فقال : قوله : (من بين الصلب والترائب) وأريد به : صلب الرجل وترائبه ، وزعم أن الماء الذي يكون منه الولد ليس معدنه الصلب خاصة ؛ بل يجتمع من أطرافه كلها . ومن حمله على المعاني الأخر صرف الأمر إليهما جميعا ، وهو أن الماء الذي يخلق منه الولد يكون منهما جميعا . وكذلك ذكر أبو بكر الأصم أن (الصلب) كناية عن الرجل ، (والترائب) كناية عن المرأة؛ فيكون هذا اسما لهما مأخوذا عن أصل ما يكون منهما ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ... ) الآية ، فأضاف الأبناء إلى الأصلاب ...... وقوله - عز وجل - : (إنه على رجعه لقادر ، قال بعضهم : إنه على رده إلى صلب أبيه لقادر … وإن كان التأويل على رده إلى صلب أبيه ، فوجه الرد هو أن يرد من حالة الشيب إلى حالة الشباب ، ثم من حالة الكبر إلى حالة الصغر ، ثم إلى حالة الطفولة ، ثم يرد مضغة ، ثم يرد علقة ، ثم نطفة ، ثم ترد النطفة إلى صلب أبيه) .
١٥ - ابن النحاس (ت٣٣٨هـ)
١٥ - ابن النحاس (ت٣٣٨هـ)
قال في إعراب القرآن : (والترائب : جمع تريبة ، ويقال : تريب ، واختلف العلماء في معناه ، فمن أصح ما قيل فيه ما رواه عطية عن ابن عباس ، قال : الترائب موضع القلادة ، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، قال : الترائب بين ثدي المرأة ، وقال سيعد بن جبير : الترائب الأضلاع إلى أسفل الصلب ، وقال مجاهد : ما بين المنكبين والصدر ، وقال الضحاك : الترائب اليدان والرجلان والعينان ، وقال قتادة : الترائب نحو الصلب ، وروى الليث بن سعد عن معمر بن أبي حبيبة قال : الترائب عصارة القلب ، ومنه يكون الولد . قال أبو جعفر : هذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنه يُروى أن الماء يخرج من البدن كله حتى من كل شعره ، إلا أن القول الأول مستعمل في كلام العرب) .
١٦ - غلام ثعلب (ت٣٤٥هـ)
١٦ - غلام ثعلب (ت٣٤٥هـ)
قال في ياقوتة الصراط : (أي من صلب الرجل وترائب المرأة ، وهو موضع القلادة من الإنسان والمرأة ، قال : أراد التريبة ، ولكن من بين الصلب والترائب ، جمعها عز وجل بما حولها) .
١٧ - أبو الليث السمرقندي (ت٣٧٣هـ)
١٧ - أبو الليث السمرقندي (ت٣٧٣هـ)
قال في تفسيره بحر العلوم : (يخرج من بين الصلب والترائب يعني : خلق من مائين ، من ماء الأب يخرج من بين الصلب ، ومن ماء الأم يخرج من الترائب . والترائب : موضع القلادة ... ثم قال : إنه على رجعه لقادر يعني : على بعثه وإعادته بعد الموت لقادر ، ويقال على رجعه إلى صلب الآباء ، وترائب الأمهات لقادر ، والتفسير الأول أصح) .
١٨ - ابن أبي زمنين (ت٣٩٩هـ)
١٨ - ابن أبي زمنين (ت٣٩٩هـ)
قال في تفسيره : (صلب الرجل وترائب المرأة وهو نحرها ، قال محمد : الترائب موضع القلادة من الصدر) .
١٩ - أبو إسحاق الثعلبي (ت٤٢٧هـ)
١٩ - أبو إسحاق الثعلبي (ت٤٢٧هـ)
قال في الكشف والبيان : (وأراد من مائين : ماء الرجل وماء المرأة لأن الولد مخلوق منهما ، ولكنه جعله ماء واحدا لامتزاجهما . يخرج من بين الصلب والترائب يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، واختلفوا في الترائب ... والمشهور من كلام العرب أنهما عظام النحر والصدر ، وواحدتها تربية ... إنه على رجعه لقادر قال قتادة : إن الله سبحانه على بعث الإنسان وإعادته بعد الموت قادر ... وأولى الأقاويل بالصواب تأويل قتادة) .
٢٠ - مكي بن أبي طالب (ت٤٣٧هـ)
٢٠ - مكي بن أبي طالب (ت٤٣٧هـ)
قال في الهداية إلى بلوغ النهاية : (يخرج الإنسان من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وواحد الترائب تريبة ، ومعنى الكلام : منهما ... قال ابن عباس : الترائب : موضع القلادة من صدر المرأة ... فالضمير في (يخرج) على هذه الأقوال للإنسان ، وعن قتادة أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره ... فالضمير في (يخرج) على هذه الأقوال الثانية يعود على الماء ، والمعروف في كلام العرب أن الترائب موضع القلادة من المرأة حيث تقع عليه من صدرها) .
٢١ - الإمام الماوردي (ت٤٥٠هـ)
٢١ - الإمام الماوردي (ت٤٥٠هـ)
قال في النكت والعيون : (يخرج من بين الصلب والترائب ، فيه قولان : أحدهما : من بين صلب الرجل وترائبه ، قاله الحسن وقتادة ، والثاني : بمعنى أصلاب الرجال وترائب النساء) .
٢٢ - أبو القاسم القشيري (ت٤٦٥هـ)
٢٢ - أبو القاسم القشيري (ت٤٦٥هـ)
قال في لطائف الإشارات : (يخرج من بين الصلب والترائب : يخرج من صلب الأب وتريبة المرأة) .
٢٣ - أبو الحسن الواحدي (ت٤٦٨هـ)
٢٣ - أبو الحسن الواحدي (ت٤٦٨هـ)
قال في التفسير الوسيط : (من ماء دافق . قال ابن عباس : يعني المني الذي يكون منه الولد ، وهو ماء مهراق في رحم المرأة .. ثم وصف ذلك الماء فقال : يخرج من بين الصلب والترائب وهي موضع القلادة من الصدر واحدها تريبة ، قال عطاء : يريد صلب الرجل وترائب المرأة لا يكون إلا من المائين) .
٢٤ - أبو المظفر السمعاني (ت٤٨٩هـ)
٢٤ - أبو المظفر السمعاني (ت٤٨٩هـ)
قال في تفسيره : (أي من صلب الرجل وترائب المرأة ، وفي الخبر أنه يخرج من كل خرزة من صلبه ، والترائب ثمانية أضلاع أربعة يمنة وأربعة يسرة ، وقيل هو الصدر ، وقيل بين الثديين ، وقيل ما دون الترقوة) .
٢٥ - الإمام البغوي (ت٥١٠هـ)
٢٥ - الإمام البغوي (ت٥١٠هـ)
قال في معالم التنزيل : (خلق من ماء دافق : مدفوق أي مصبوب في الرحم ، وهو المني ... وأراد ماء الرجل وماء المرأة ، لأن الولد مخلوق منهما ، وجعله واحدا لامتزاجهما . {يخرج من بين الصلب والترائب} يعني صلب الرجل وترائب المرأة ، و"الترائب" جمع التربية ، وهي عظام الصدر والنحر) .
٢٦ - أبو القاسم الأصبهاني (ت٥٣٥هـ)
٢٦ - أبو القاسم الأصبهاني (ت٥٣٥هـ)
قال في إعراب القرآن : (من بين صلب الرجل وترائب المرأة) .
٢٧ - أبو القاسم الزمخشري (ت٥٣٨هـ)
٢٧ - أبو القاسم الزمخشري (ت٥٣٨هـ)
فال في الكشاف : (ولم يقل ماءين لامتزاجهما في الرحم واتحادهما حين ابتدئ في خلقه من بين الصلب والترائب ، من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة .... وقيل : العظم والعصب من الرجل واللحم والدم من المرأة) .
٢٨ - أبو بكر بن العربي (ت٥٤٣هـ)
قال في أحكام القرآن : (بين الله تعالى محل الماء الذي يُنتزع منه ، وأنه بين الصلب والترائب ، تزعجه القدرة ، وتميزه الحكمة ، وقد قال الأطباء : إنه الدم الذي تطبخه الطبيعة بواسطة الشهوة ، وهذا ما لا سبيل إلى معرفته أبدا إلا بخبر صادق ، وأما القياس فلا مدخل له فيه ، والظر العقلي لا ينتهي إليه ، وكل ما يصفون فيه دعوى يمكن أن تكون حقا ، بيد أنه لا سبيل إلى تعيينها كما قدمنا ، ولا دليل على تخصيصها حسبما أوضحنا ، والذي يدل على صحة ذلك من جهة الخبر قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة . وهي الدم ، فأخبر تعالى أن الدم هو الطور الثالث ، وعند الأطباء أنه الطور الأول ، وهذا تحكم ممن يجهل) .
٢٩ - فخر الدين الرازي (ت٥٤٣هـ)
٢٩ - فخر الدين الرازي (ت٥٤٣هـ)
قال في مفاتح الغيب : (ترائب المرأة عظام صدرها حيث تكون القلادة ، وكل عظم من ذلك تربة ، وهذا قول جميع أهل اللغة .... في هذه الآية قولان : أحدهما : أن الولد مخلوق من الماء الذي يخرج من صلب الرجل وترائب المرأة . وقال آخرون : إنه مخلوق من الماء الذي يخرج من صلب الرجل وترائبه ..... ثم قالوا : والذي يدل على أن الولد مخلوق من مجموع الماءين أن مني الرجل وحده صغير فلا يكفي ، ولأنه روي أنه عليه السلام قال : إذا غلب ماء الرجل يكون الولد ذكرا ويعود شبه إليه وإلى أقاربه ، وإذا غلب ماء المرأة فإليها وإلى أقاربها يعود الشبه وذلك يقتضي صحة القول الأول . واعلم أن الملحدين طعنوا في هذه الآية ، فقالوا : إن كان المراد من قوله : يخرج من بين الصلب والترائب أن المني إنما ينفصل من تلك المواضع فليس الأمر كذلك ، لأنه إنما يتولد من فضلة الهضم الرابع ، وينفصل عن جميع أجزاء البدن حتى يأخذ من كل عضو طبيعته وخاصيته ، فيصير مستعدّا لأن يتولد منه مثل تلك الأعضاء ، ولذلك فإن المفرط في الجماع يستولي الضعف على جميع أعضائه ...... الجواب : لا شك أن أعظم الأعضاء معونة في توليد المني هو الدماغ ، والدماغ خليفة وهي النخاع وهو في الصلب ، وله شعب كثيرة نازلة إلى مقدم البدن وهو التريبة ، فلهذا السبب خص الله تعالى هذين العضوين بالذكر ، على أن كلامكم في كيفية تولد المني ، وكيفية تولد الأعضاء من المني محض الوهم والظن الضعيف ، وكلام الله تعالى أولى بالقبول) .
٣٠ - الإمام القرطبي (ت٦٧١هـ)
٣٠ - الإمام القرطبي (ت٦٧١هـ)
قال في الجامع لأحكام القرآن : (أراد ماءين : ماء الرجل وماء المرأة لأن الإنسان مخلوق منهما ، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما ... هذا الماء (من بين الصلب) أي الظهر ... (والترائب) : أي الصدر ، الواحدة : تريبة ، وهي موضع القلادة من الصدر .... والصلب من الرجل ، والترائب من المرأة .... وفي التفسير : يخلق من ماء الرجل الذي يخرج من صلبه العظم والعصب . ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبها اللحم والدم ، وقاله الأعمش .... وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يجتمع في الأنثيين . وهذا لا يعارض قوله : من بين الصلب ، لأنه إن نزل من الدماغ ، فإنما يمر بين الصلب والترائب . وقال قتادة : المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة . وحكى الفراء أن مثل هذا يأتي عن العرب ، وعليه فيكون معنى من بين الصلب : من الصلب . وقال الحسن : المعنى : يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل ، ومن صلب المرأة وترائب المرأة . ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني . وأيضا المكثر من الجماع يجد وجعا في ظهره وصلبه ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء ..... حكاه المهدوي وقال : من جعل المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه ، فالضمير في يخرج للماء . ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، فالضمير للإنسان) .
٣١ - ناصر الدين البيضاوي (ت٦٨٥هـ)
٣١ - ناصر الدين البيضاوي (ت٦٨٥هـ)
قال في أنوار التنزيل وأسرار التأويل : (والمراد الممتزج من الماءين في الرحم ... من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها ، ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين ، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ، ولذلك تشبهه ، ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه وله خليفة وهو النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر) .
٣٢ - أبو البركات النسفي (ت٧١٠هـ)
٣٢ - أبو البركات النسفي (ت٧١٠هـ)
قال في مدارك التنزيل وحقائق التأويل : (ولم يقل من ماءين لا متزاجهما فى الرحم واتحادهما حين ابتدئ فى خلقه .... من بين صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة وقيل العظم والعصب من الرجل واللحم والدم من المرأة) .
٣٣ - أبو القاسم ابن جزي (ت٧٤١هـ)
٣٣ - أبو القاسم ابن جزي (ت٧٤١هـ)
قال في التسهيل لعلوم التنزيل : (يخرج من بين الصّلب والتّرائب الضمير في يخرج للماء وقال ابن عطية : يحتمل أن يكون للإنسان ، وهذا بعيد جدا والترائب : عظام الصدر واحدها : تريبة وقيل : هي الأطراف كاليدين والرجلين ، وقيل : هي عصارة القلب ، ومنها يكون الولد ، وقيل : هي الأضلاع التي أسفل الصلب ، والأول هو الصحيح المعروف في اللغة ، ولذلك قال ابن عباس : هي موضع القلادة ما بين ثديي المرأة ، ويعني صلب الرجل وترائبه وصلب المرأة وترائبها ، وقيل : أراد صلب الرجل وترائب المرأة) .
٣٤ - علاء الدين الخازن (ت٧٤١هـ)
٣٤ - علاء الدين الخازن (ت٧٤١هـ)
قال في لباب التأويل : (خلق من ماء يعني من مني دافق ، أي مدفوق مصبوب في الرحم ، وأراد به ماء الرجل ، وماء المرأة ، لأن الولد مخلوق منهما وإنما جعله واحدا لامتزاجهما يخرج يعني ذلك الماء وهو المني ، من بين الصّلب والتّرائب يعني صلب الرجل ، وترائب المرأة ، وهي عظام الصدر والنحر . قال ابن عباس : هي موضع القلادة من الصدر ، وعنه أنها بين ثديي المرأة ، قيل إن المني ، يخرج من جميع أعضاء الإنسان ، وأكثر ما يخرج من الدماغ ، فينصب في عرق في ظهر الرجل ، وينزل في عروق كثيرة من مقدم بدن المرأة ، وهي الترائب ، فلهذا السبب خص الله تعالى ، هذين العضوين بالذكر) .
٣٥ - أبو حيان (ت٧٤٥هـ)
قال في البحر المحيط : (خلق من ماء دافق ، وهو مني الرجل والمرأة لما امتزجا في الرحم واتحدا عبّر عنهما بماء ، وهو مفرد) .
٣٦ - السمين الحلبي (ت٧٥٦هـ)
قال في الدر المصون : (والترائب : جمع تريبة ، وهي موضع القلادة من عظام الصدر؛ لأن الولد مخلوق من مائهما ، فماء الرجل في صلبه ، والمرأة في ترائبها ....... إنه على رجعه لقادر ... قوله : {على رجعه} في الهاء وجهان ، أحدهما : أنه ضمير الإنسان ... أي : على بعثه بعد موته . والثاني : أنه ضمير الماء ، أي : يرجع المني في الإحليل أو الصلب) .
٣٧ - الإمام ابن كثير (ت٧٧٤هـ)
قال في تفسيره : (وقوله : خلق من ماء دافق}يعني : المني ، يخرج دفقا من الرجل ومن المرأة ، فيتولد منهما الولد بإذن الله ، عز وجل ، ولهذا قال : يخرج من بين الصلب والترائب يعني : صلب الرجل وترائب المرأة ، وهو صدرها ..... وقوله : إنه على رجعه لقادر ، فيه قولان : أحدهما : على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك . قاله مجاهد) .
٣٨ - عمر بن عادل الحنبلي (ت٧٧٥هـ)
قال في اللباب في علوم الكتاب : (أراد ماءين : ماء الرجل وماء المرأة ، لأن الإنسان مخلوق منهما لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما ... قوله : يخرج من بين الصلب والترائب أي هذا الماء من بين الصلب أي الظهر ... والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من عظام الصدر لأن الولد مخلوق من مائهما ، فماء الرجل في صلبه وماء المرأة في ترائبها .... حكى القرطبي أن ماء الرجل يخرج من الدماغ ثم يجتمع في الأنثيين وهذا لا يعارض (من بين الصلب والترائب) لأنه إن نزل من الدماغ فإنما يمر بين الصلب والترائب ... والمعنى من صلب الرجل وترائب المرأة ، ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني ، وأيضا فالمكثر من الجماع يجد وجعا في صلبه وظهره ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء) .
٣٩ - النظام النيسابوري (ت٨٥٠هـ)
قال في غرائب القرآن : (ومعنى خروجه من بين الصلب والترائب أن أكثره ينفصل من هذين الموضعين لإحاطتهما بسور البدن ، والذي ينفصل من اليدين ومن الدماغ يمر عليهما أيضا . وطالما أعطى للأكثر حكم الكل وهذا المعنى يشمل ماء الرجل وماء المرأة ، ويحتمل أن يقال : أريد به ماء الرجل فقط إما بناء على حكم التغليب وإما بناء على مذهب من لا يرى للمرأة ماء ولا سيما دافقا . وذهب جم غفير إلى أن الذي يخرج من بين الصلب ومادته من النخاع الآتي من الدماغ هو ماء الرجل ، والذي يخرج من الترائب وهي عظام الصدر الواحدة تربية هو ماء المرأة . وإنما لم يقل من ماءين لاختلاطهما في الرحم واتحادهما عند ابتداء خلق الجنين . وقد يقال : العظم والعصب من ماء الرجل ، واللحم والدم من ماء المرأة ، وقد ورد في الخبر أن أي الماءين علا وغلب فإن الشبه يكون منه) .
٤٠ - جلال الدين المحلي (ت٨٦٤هـ)
قال في تفسيره : (يخرج من بين الصلب للرجل والترائب للمرأة ، وهي عظام الصدر) .
٤١ - برهان الدين البقاعي (ت٨٨٥هـ)
قال في نظم الدرر : (ولم يقل : ماءين - إشارة إلى أنهما يجتمعان في الرحم ويمتزجان أشد امتزاج بحيث يصيران ماء واحدا ، ولما كان المراد به ماء الرجل وماء المرأة قال : {يخرج} وبعض بإثبات الجار فأفهم الخروج عن مقره بقوله : {من بين الصلب} أي صلب الرجل وهو عظم مجتمع من عظام مفلكة أحكم ربطها غاية الإحكام من لدن الكاهل إلى عجب الذنب {والترائب} أي ترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة ، وصوبه ابن جرير ، أو ما ولي الترقوتين منه ، أو ما بين الثديين والترقوتين أو أربعة أضلاع من يمنة الصدر ، وأربعة من يسرته ، أو اليدان والرجلان والعينان ، وعلى كل تقدير شهوتها من أمامها وشهوة الرجل فيما غاب عنه من ورائه ، ولو نزع الخافض لأفهم أن الماء يملأ البين المذكور ولم يفهم أنه يخرج عن صاحبي البين ، قال البيضاوي : ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند الأنثيين ، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ، ولذلك تشبهه ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه وله خليفة وهو النخاع وهو في الصلب ، وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر . وقال الملوي : فالذي أخرجه من ظروف عظام الصلب والترائب إلى أن صيره في محله من الأنثيين إلى أن دفق واعتنى بعد ذلك بنقله من خلق إلى خلق بعد كل أربعين يوما إلى أن صيره إنسانا يعقل ويتكلم ويبني القصور ، ويهدم الصخور ، قادر على بعثه) .
٤٢ - أحمد الكوراني (ت٨٩٣هـ)
قال في غاية الأماني : (صلب الرجل وترائب المرأة : موضع القلادة ، أو ما بين ثدييها . كذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، جمع تربة . ولا ينافي قول الأطباء أنه يتولد من جميع أجزاء البدن بعد الهضم الرابع ، فيأخذ من كل عضو ما يستعد لأن يكون عضوا آخر مثله ، لأنه نبه مع الاختصار على الأعضاء التي هي أصول في التولد ، وذلك أن الترائب تشمل القلب والكبد والكلى ، والصلب الدماغ ، لاتصال النخاع بالدماغ ، وينزل من الدماغ شعب إلى مقدم البدن ، وهي الترائب ، على أنّ كلامهم مبناه على الأوهام والظنون ، وكلام اللّه تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه) .
٤٣ - معين الدين الأيجي (ت٩٠٥هـ)
قال في جامع البيان : (وهو الممتزج من ماء الرجل والمرأة ، يخرج من بين الصلب ، صلب الرجل ، والترائب : ترائب المرأة ، وهي عظام صدرها) .
٤٤ - نعمة الله النخجواني (ت٩٢٠هـ)
قال في الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية : (يخرج ذلك الماء المهين من بين الصلب والترائب ، أي من ظهر الرجل وصدر المرأة) .
٤٥ - الخطيب الشربيني (ت٩٧٧هـ)
قال في السراج المنير : (أي : للرجل وهو عظام الظهر ، والترائب أي : للمرأة جمع تريبة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة ، وعن عكرمة : الترائب ما بين ثدييها ، وقيل : الترائب التراقي ، وقيل : أضلاع الرجل التي أسفل الصدر . وحكى الزجاج : أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربعة أضلاع من يسرة الصدر . وقال ابن عادل جاء في الحديث : أن الولد يخلق من ماء الرجل يخرج من صلبه العظم والعصب ، ومن ماء المرأة يخرج من ترائبها اللحم والدم . وحكى القرطبي : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثيين ، وهذا لا يعارضه قوله تعالى : من بين الصلب والترائب ، لأنه ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثين) .
٤٦ - أبو السعود العمادي (ت٩٨٢هـ)
قال في إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم : (والمراد به الممتزج من الماءين في الرحم كما ينبىء عنه قوله تعالى يخرج من بين الصلب والترائب أي صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها ، قالوا إن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعدّ لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ومقرّها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين فالدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ولذلك تشبهه ويورث الإفراط في الجماع الضعف فيه وله خليفه هي النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المنيّ فلذلك خصّا بالذكر) .
٤٧ - شهاب الدين الخفاجي (ت١٠٦٩هـ)
قال في حاشيته على تفسير البيضاوي : (قوله : (ولو صح أن النطفة الخ) إشارة إلى ما طعن به بعض الملحدة بأن النطفة لا تخرج من بين الصلب والترائب ، سواء أريد مخرجها البعيد أو القريب ، وفي قوله : (لو صح) إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه غير صحيح ، فإنه مبني على تخيلات لا أصل لها ، فاللائق بنا أن نتبع ما نطق به الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وندع التقليد لمثل هؤلاء . قوله : (من فضل الهضم الرابع) إشارة إلى ما تقرر في الطب من أن الغذاء ينضهم أولا في الفم بالمضغ ، وثانيا في المعدة بطبخها له بالحرارة الطبيعية الموقدة في مطبخها ، ثم تجذب صفوته بعروق متصلة بها إلى الكبد فتهضمه هضما ثالثا ، ثم إلى الأعضاء جميعها فينهضم فيها هضما رابعا بعده لتنمية الأعضاء وبقائها ، وما زاد على ذلك ينفصل عن جميع الأعضاء إلى مقر المني بعد أن أودع فيه خلاق القوى والقدر ما يستعد به للتوليد والتخلق ، وقوله : ومقرها الخ شروع في بيان ما طعن به بأن مقرها العروق المذكورة ومبدؤها جميع الأعضاء فكيف يكون مخرجها بين الصلب والترائب . قوله : (إن الدماغ أعظم الأعضاء الخ) هذا شروع في الجواب بعد المنع المشار إليه بقوله : لو صح أي لا نسلم صحته ، ولا يلزمنا تأويل كلام الله ليوافق خيالات هؤلاء ، ولو سلم تولده من جميع الأعضاء فأعظمها في ذلك الدماغ ، ولذا كان المني مشابها له لونا ورطوبة ، وغير ذلك ورأينا مكثر الجماع يضعف دماغه فدلنا ذلك على أن له دخلا قويا في التوليد ، وقوله : بالضعف الباء متعلقة بالإسراع للتعدية أي يجعل الإفراط في الجماع الضعف سريعا فيه ، وقوله : وله أي للدماغ خليفة أي قائم مقامه في كل ما يكون كالمعونة المذكورة ، والنخاع مثلث النون خيط أبيض في جوف عظم الرقبة ممتد إلى الصلب ويتشعب منه شعب كثيرة إلى الأضلاع وينزل إلى الترائب على ما بين في علم التشريح ، والصلب والترائب أقرب إلى وعاء المني في مقره فلهما زيادة مدخل في توليدها وقرب مقرها بالنسبة إلى سائر الأعضاء ، ولذلك خصا بالذكر من بينها . قوله : (وشعب كثيرة الخ) ، قيل عليه إن تلك الشعب أعصاب لا تجويف لها فلا تعلق لها بالدماغ ، وتخصيص الترائب بالنساء غير ظاهر وقد مر ما فيه ، ثم قيل إن الوجه ان النخاع والقوى الدماغية والقلب كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا للتوليد وقوله : بين الصلب والترائب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب تشمل القلب ، والكبد وشمولها للقلب أظهر ، والصلب النخاع ويتوسطه الدماغ ولم يحتج للتنبيه على مكان الكبد لظهوره لأنه دم نضج ، وإنما ينبه على ما خفي كالصلب والدماغ (قلت) ولو جعل قوله من بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد) .
٤٨ - إسماعيل الخلوتي البروسوي (ت١١٢٧هـ)
قال في روح البيان في تفسير القرآن : (والمراد به الممتزج من الماءين فى الرحم كما ينبئ عنه ما بعده فى الآية ، وللنظر إلى امتزاجهما عبر عنهما بصيغة الإفراد ، ووصف الماء الممتزج بالدافق من قبيل توصيف المجموع بوصف بعض أجزائه ، يخرج ذلك الماء الدافق من بين الصّلب والتّرائب ، الصلب : الشديد ، وباعتباره سمى الظهر صلبا ، أى من بين ظهر الرجل وترائب المرأة ، وهى ضلوع صدرها وعظام نحرها حيث تكون القلادة ، وكل عظم من ذلك تربية ، وإيراد بين إشارة إلى ما يقال أن النطفة تتكون من جميع اجزاء البدن ولذلك يشبه الولد والديه غالبا فيجتمع ماء الرجل فى صلبه ثم يجرى منه ، ويجتمع ماء المرأة فى ترائبها ثم يجرى منها ، وفى قوت القلوب : أصل المنى هو الدم يتصاعد فى خرزات الصلب وهناك مسكنه ، فتنضجه الحرارة فيستحيل أبيض ، فإذا امتلأت منه خرزات الصلب وهو الفقار طلب الخروج من مسلكه ، وهو عرقان متصلان الى الفرج منهما ينزل المني) .
٤٩ - ابن عجيبة (ت١٢٢٤هـ)
قال في البحر المديد : (ولم يقل : من ماءين؛ لامتزاجهما في الرحم واتحادهما . {يخرج من بين الصلب والترائب} أي : صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي عظام صدرها ، حيث تكون القلادة ، وقيل : العظم والعصب من الرجل ، واللحم والدم من المرأة ، وقال بعض الحكماء : إن النظفة تتولد من فضل الهضم الرابع ، وتنفصل عن جميع الأعضاء ، حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها على بعض عند البيضتين ، فالدماغ أعظم معونة في توليدها ، ولذلك كان الإفراط في الجماع يورث الضعف فيه ، وله خليفة هو النخاع ، وهو في الصلب ، وفيه شعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني ، فلذا خصا بالذكر ، فالمعنى على هذا : يخرج من بين صلب الرجل وترائبه وصلب المرأة وترائبها ، وهو الأحسن ، وبه صدر ابن جزي) .
٥٠ - المظهري (ت١٢٢٥هـ)
قال في تفسيره : (صلب الرجل : أى ظهره ... والتّرائب : أى ترائب المرأة .... فى البيضاوي أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد بأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها عند البيضتين ، والدماغ أعظم الأعضاء معونة فى توليدها لذلك تشيع وتسرع الفراط فى الجماع بالضعف ، وله خليفة وهو النخاع وهو فى الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر) .
٥١ - الإمام الشوكاني (ت١٢٥٠هـ)
قال في فتح القدير : (وأراد سبحانه ماء الرجل والمرأة لأن الإنسان مخلوق منهما ، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما ، ثم وصف هذا الماء فقال : يخرج من بين الصلب والترائب أي : صلب الرجل ، وترائب المرأة ، والترائب : جمع تريبة ، وهي موضع القلادة من الصدر ..... وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل : إن المعنى : يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية ، لأن نسبة خروجه إلى بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
٥٢ - أبو الطيب القنوجي (ت١٣٠٧هـ)
قال في فتح البيان في مقاصد القرآن : (وأراد سبحانه ماء الرجل والمرأة لأن الإنسان مخلوق منهما لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما .... (يخرج من بين الصلب والترائب) أي صلب الرجل وترائب المرأة وهي جمع تريبة وهي موضع القلادة من الصدر ، والولد لا يكون إلا من الماءين ، ... وقيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل أن المني يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى ما بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
٥٣ - محمد بن عمر البنتني (ت١٣١٦هـ)
قال في تفسيره مراح لبيد لكشف معاني القرآن المجيد : (يخرج من بين الصلب والترائب ، أي من صلب ماء الرجل ومن عظام صدر المرأة ، وقال الحسن : يخرج من صلب الرجل وترائبه ومن صلب المرأة وترائبها ، وحكى القرطبي أن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يتجمع في الأنثيين) .
٥٤ - الشيخ عبدالرحمن السعدي (ت١٣٧٦هـ)
قال في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : (وهو : المني الذي {يخرج من بين الصّلب والتّرائب} يحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي ثدياها . ويحتمل أن المراد المني الدافق ، وهو مني الرجل ، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه ، ولعل هذا أولى ، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق ، والذي يحس ويشاهد دفقه هو مني الرجل ، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل ، فإن الترائب للرجل بمنزلة الثديين للأنثى ، فلو أريدت الأنثى لقال : " من بين الصلب والثديين " ونحو ذلك ، والله أعلم)
٥٥ - سيد قطب (ت١٣٨٥هـ)
قال في ظلال القرآن : (إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ، ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها العلوية .. ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل ، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة . حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ منهما الإنسان) .
٥٦ - عبدالكريم الخطيب (ت بعد١٣٩٠هـ)
قال في التفسير القرآني للقرآن : (وقوله تعالى : يخرج من بين الصّلب والتّرائب : إشارة إلى مورد هذا الماء الدافق ، وأنه ماء مخرجه من بين الصلب والترائب .. والصلب ، فقار الظهر ، والمراد به صلب الرجل ، أي ظهره . والترائب : جمع تريبة ، وهى موضع القلادة من الصدر .. والمراد بالتربية هنا تريبة المرأة .. فالماء الذي يخلق منه الإنسان ، هو ماء الرجل والمرأة معا ، حين يلتقيان فى رحم المرأة .. وفى وصف الماء بالتدفق ، إشارة إلى أنه ماء قد خرج خروجا طبيعيا ، بعد أن استوى ونضج فى صلب الرجل ، وتربية المرأة ، وأنه ليس ماء انتزع انتزاعا من موضعه قبل أن ينضج ويستوي) .
٥٧ - محمد الأمين الشنقيطي (ت١٣٩٣هـ)
قال في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : (فاعلم أنّه تعالى بيّن أنّ ذلك الماء الّذي هو النّطفة ، منه ما هو خارج من الصّلب ، أي : وهو ماء الرّجل ، ومنه ما هو خارج من التّرائب وهو : ماء المرأة ، وذلك في قوله - جلّ وعلا - : فلينظر الإنسان ممّ خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصّلب والتّرائب لأنّ المراد بالصّلب صلب الرّجل وهو ظهره ، والمراد بالتّرائب : ترائب المرأة وهي موضع القلادة منها) .
٥٨ - الطاهر بن عاشور (ت١٣٩٣هـ)
قال في تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد : (والصلب : العمود العظمي الكائن في وسط الظهر وهو ذو الفقرات ، والترائب : جمع تريبة ، ويقال : تريب ، ومحرر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقوتين والثديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة ، والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال ، وقوله : يخرج من بين الصلب والترائب : الضمير عائد إلى ماء دافق وهو المتبادر ، فتكون جملة يخرج حالا من ماء دافق ، أي : يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه ، وبهذا قال سفيان والحسن ، أي أن أصل تكون ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب ، وليس المعنى : أنه يمر بين الصلب والترائب ، إذا لا يتصور ممر بين الصلب والترائب ، لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين ، فجعل الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لأنه لا يتكون جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل ، فإذا اختلط ماء الرجل بما يسمى ما ء المرأة ، وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بويضات دقيقة يثبت منها ما يتكون منه الجنين ، ويطرح ما عداه .
وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل ، مع التنبيه على أن خلق الإنسان من ماء الرجل وماء المرأة بذكر الترائب ، لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة ، ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة ، فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية ، وهي خيوط مستطيلة مؤلفة من طرف مسطح بيضوي الشكل ، وذنب دقيق كخيط ، وهذه الخيوط يكون منها تلقيح النسل في رحم المرأة ، ومقرها الأنثيان وهما الخصيتان ، فيندفع إلى رحم المرأة ، ومن ماءٍ هو للمرأة كالمني للرجل ، ويمسى ماء المرأة ، وهو بويضات دقيقة كروية الشكل تكون في سائل مقره حويصلة من حويصلات يشتمل عليها مبيضان للمرأة ، وهما بمنزلة الأنثيين للرجل ، فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة ، وكل مبيض يشتمل على عدد من الحويصلات يتراوح من عشر إلى عشرين ، وخروج البيضة من الحويصلة يكون عند انتهاء نمو الحويصلة ، فإذا انتهى نموّها انفجرت فخرجت البيضة في قناة تبلغ بها إلى تجويف الرحم ، وإنما يتم بلوغ البيض النمو وخروجها من الحويصلة في وقت حيض المرأة ، فذلك يكثر العلوق إذا باشر الرجل المرأة بقرب انتهاء حيضها .
وأصل مادة كلا الماءين : مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين ، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع وهو الصلب ، ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحبل المنوي مؤلف من شرايين وأوردة وأعصاب وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تفرزان المني ، فيتكون هنالك بكيفية دهنية وتبقى منتشرة في الأنثيين إلى أن تفرزها الأنثيان مادة دهنية شحمية ، وذلك عند دغدغة ولذع القضيب المتصل بالأنثيين فيندفق في رحم المرأة .
وأما بالنسبة إلى المرأة : فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب ، لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحامل للبويضات التي منها النسل ، والحيض يسيل من فوهات عروق في الرحم ، وهي عروق تنفتح عند حلول إبان المحيض وتنقبض عقب الطهر . والرحم يأتيها عصب من الدماغ ، وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم ، وهو إشارة مجملة وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة ، فقال : تغتسل إذا أبصرت الماء فقيل له : أترى المرأة ذلك فقال : وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك ؟ إذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه) .
٥٩ - جمال الدين القاسمي (ت١٣٣٢هـ)
قال في محاسن التأويل : (وقوله تعالى : يخرج من بين الصّلب والتّرائب أي من بين صلب الرجل ونحر المرأة . قال الإمام : الصلب هو كل عظم من الظهر فيه فقار . ويعبر عنه في كلام العامة بسلسلة الظهر . وقد يطلق بمعنى الظهر نفسه إطلاقا لاسم الجزء على الكل . والترائب : موضع القلادة من الصدر ، وكنى بالصلب عن الرجل وبالترائب عن المرأة ، أي أن ذلك الماء الدافق إنما يكون مادة لخلق الإنسان إذا خرج من بين الرجل والمرأة ووقع في المحل الذي جرت عادة الله أن يخلقه فيه ، وهو رحم المرأة ..... وقال بعض علماء الطب : … قال : ومعنى الآية أن المني باعتبار أصله وهو الدم يخرج من شيء ممتد بين الصلب - أي فقرات الظهر في الرجل - والترائب أي عظام صدره . وذلك الشيء الممتد بينهما هو الأبهر (الأورطي) وهو أكبر شريان في الجسم يخرج من القلب خلف الترائب ويمتد إلى آخر الصلب تقريبا ، ومنه تخرج عدة شرايين عظيمة ، ومنها شريانان طويلان يخرجان منه بعد شرياني الكليتين وينزلان إلى أسفل البطن حتى يصلا إلى الخصيتين فيغذيانهما ، ومن دمهما يتكون المني في الخصيتين يسميان شرياني الخصيتين ، أو الشريانين المنويين ، فلذا قال تعالى عن المني : يخرج من بين الصّلب والتّرائب لأنه يخرج من مكان بينهما وهو الأورطي أو الأبهر . وهذه الآية على هذا التفسير تعتبر من معجزات القرآن العلمية ، وهذا القول أوجه وأدق من التفسير الأول . انتهى) .
٦٠ - أحمد بن مصطفى المراغي (ت١٣٦٥هـ)
قال في تفسيره : (الصلب : الظهر ، والترائب : عظام صدر المرأة ، والمراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة .... أي خُلق من ماء مدفوق يخرج من الظهر والترائب لكل من الرجل والمرأة ، فهو إنما يكون مادة لخلق الإنسان إذا خرج من بين الرجل والمرأة ووقع فى رحم المرأة . والخلاصة : أن الولد يتكون من منى مدفوق من الرجل ، فيه جرثومة حية دقيقة لا ترى إلا بالآلة المعظمة (الميكرسكوب) ، ولا تزال تجرى حتى تصل إلى جرثومة نظيرتها من جراثيم المرأة وهى البويضة ، ومتى التقت الجرثومتان اتحدتا وكونتا جرثومة الجنين ، وقد استفتيت في نظرية الحمل وكيفية تكوين الجنين النطاسيَ البارعَ عبدَالحميد العرابى بك وكيل مستشفى الملك سابقا ، فأجابنى حفظه الله بما يأتي :
كيفية حصول الحمل ونمو الجنين فى الرحم
قال الله تعالى : فلينظر الإنسان ممّ خلق ؟ خُلق من ماء دافق . يخرج من بين الصّلب والتّرائب ، وقال أيضا : ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى . اعلم أخى وفقك الله أن فى هاتين الآيتين وما شاكلهما من الآيات سرا من أسرار التنزيل ووجها من وجوه إعجازه ، إذ فيهما معرفة حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنا .
بيان هذا : أن صلب الإنسان هو عموده الفقرى (سلسلة ظهره) وترائبه هى عظام صدره ، ويكاد معناها يقتصر على حافة الجدار الصدرى السفلى ، وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا فى منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب ، وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى ، على قدر ما أوتى كل منهم من علم وإن كان بعيدا عن الفهم الصحيح والرأى السديد ، ذاك أنه فى الأسبوع السادس والسابع من حياة الجنين فى الرحم ينشأ فيه ما يسمى (جسم وولف وقناته) على كل جانب من جانبى العمود الفقرى ، ومن جزءٍ من هذا تنشأ الكلى وبعض الجهاز البولى ، ومن جزء آخر تنشأ الخصية فى الرجل والمبيض فى المرأة ، فكلٌّ من الخصية والمبيض فى بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب ، أي ما بين منتصف العمود الفقرى تقريبا ومقابل أسفل الضلوع ، ومما يفسر لنا صحة هذه النظرية أن الخصية والمبيض يعتمدان فى نموهما على الشريان الذي يمدهما بالدم ، وهو يتفرع من الشريان الأورطي فى مكان يقابل مستوى الكلى الذي يقع بين الصلب والترائب ، ويعتمدان على الأعصاب التي تمد كلا منهما وتتصل بالضفيرة الأورطية ثم بالعصب الصدرى العاشر ، وهو يخرج من النخاع من بين الضلع العاشر والحادي عشر ، وكل هذه الأشياء تأخذ موضعها فى الجسم فيما بين الصلب والترائب ، فإذا كانت الخصية والمبيض فى نشأتهما وفى إمدادهما بالدم الشرياني وفى ضبط نشوئهما بالأعصاب قد اعتمدتا فى ذلك كله على مكان فى الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ، ولم يكشفه العلم إلا حديثا بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول ذلك الكتاب ، هذا وكلٌّ من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ فى الهبوط إلى مكانه المعروف ، فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها فى الصفن ، ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه فى الحوض بجوار بوق الرحم ، وقد يحدث فى بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية فى طريقها ولا تنزل إلى الصفن ، فتحتاج إلى عملية جراحية حتى تصل إلى وضعها فى الموضع الطبيعي ، هذا والإنسان يبدأ حياته جنينا ، والجنين يتكون من تلقيح بويضة تخرج من المبيض مندفعة نحو بوق الرحم بالحيوان المنوي الذي تفرزه خصية الرجل ، ويكون التلقيح فى الغالب فى داخل أحد البوقين أو فيهما معا ، ثم تسير البويضة فى طريقها إلى الرحم حتى تستقر فى قرار مكين إلى أجل مسمى ، هذا إذا صادفها أحد الحيوانات المنوية ، أما إذا أخطأها التلقيح فتكون ضمن الإفرازات الرحمية التي تطرد فى خارج الجسم .
ومما يلاحظ أن إفراز البويضات عند المرأة هو عملية فسيولوجية شهرية لا علاقة لها بالاجتماع الجنسي ، غير أن هذا الاجتماع ضرورى لعملية التلقيح بالحيوان المنوي الذي يسبح فى ماء الرجل ، ومما سبق تعلم أن الماء الدافق يكون من كلٍّ من الرجل والمرأة ، أما ماء الرجل فيتكون من الحيوانات المنوية وسوائل أخرى تفرزها الخصية والبروستاتة والحويصلات المنوية ، وهذه السوائل كلها جعلت مباءة ومستقرا للحيوان المنوي الذي يدونه لا يتم التلقيح ، وهكذا الحال فى البويضات التي يفرزها مبيض المرأة ، فإنها بعد أن تكون فى المبيض على شكل حويصلة صغيرة تسمى حويصلة (جراف) تنمو وتبلغ أشدها فى نحو شهر حتى تقترب من المبيض ، ثم تنفجر كما تنفجر الفقاعة وتندفع منها البويضات مع السائل الذي خرج من الفقاعة إلى البوق حيث يقابلها حيوان منوى يقوم بعملية التلقيح ، وكلا الماءين : ماء الرجل وماء المرأة دافق ، أي ينصب مندفعا ، وهذا هو الحاصل فعلا ، ومن هذا يتبين بوضوح أن الإنسان خلق ونشأ من الماء الدافق (ماء الرجل وأهم ما فيه الحيوان المنوي وماء المرأة وأهم ما فيه البويضة) الذي ينصب مندفعا من عضوين هما الخصية والمبيض ، ومنشؤهما وغذاؤهما وأعصابهما كلها بين الصلب والترائب) .
وقد مرت أقوالهم فيما سبق ، وهنا إعادة اقتباس للشاهد من كلامهم رحمهم الله .
٣٥ - أبو حيان (ت٧٤٥هـ)
قال في البحر المحيط : (خلق من ماء دافق ، وهو مني الرجل والمرأة لما امتزجا في الرحم واتحدا عبّر عنهما بماء ، وهو مفرد) .
٣٦ - السمين الحلبي (ت٧٥٦هـ)
قال في الدر المصون : (والترائب : جمع تريبة ، وهي موضع القلادة من عظام الصدر؛ لأن الولد مخلوق من مائهما ، فماء الرجل في صلبه ، والمرأة في ترائبها ....... إنه على رجعه لقادر ... قوله : {على رجعه} في الهاء وجهان ، أحدهما : أنه ضمير الإنسان ... أي : على بعثه بعد موته . والثاني : أنه ضمير الماء ، أي : يرجع المني في الإحليل أو الصلب) .
٣٧ - الإمام ابن كثير (ت٧٧٤هـ)
قال في تفسيره : (وقوله : خلق من ماء دافق}يعني : المني ، يخرج دفقا من الرجل ومن المرأة ، فيتولد منهما الولد بإذن الله ، عز وجل ، ولهذا قال : يخرج من بين الصلب والترائب يعني : صلب الرجل وترائب المرأة ، وهو صدرها ..... وقوله : إنه على رجعه لقادر ، فيه قولان : أحدهما : على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك . قاله مجاهد) .
٣٨ - عمر بن عادل الحنبلي (ت٧٧٥هـ)
قال في اللباب في علوم الكتاب : (أراد ماءين : ماء الرجل وماء المرأة ، لأن الإنسان مخلوق منهما لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما ... قوله : يخرج من بين الصلب والترائب أي هذا الماء من بين الصلب أي الظهر ... والترائب جمع تريبة وهي موضع القلادة من عظام الصدر لأن الولد مخلوق من مائهما ، فماء الرجل في صلبه وماء المرأة في ترائبها .... حكى القرطبي أن ماء الرجل يخرج من الدماغ ثم يجتمع في الأنثيين وهذا لا يعارض (من بين الصلب والترائب) لأنه إن نزل من الدماغ فإنما يمر بين الصلب والترائب ... والمعنى من صلب الرجل وترائب المرأة ، ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني ، وأيضا فالمكثر من الجماع يجد وجعا في صلبه وظهره ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء) .
٣٩ - النظام النيسابوري (ت٨٥٠هـ)
قال في غرائب القرآن : (ومعنى خروجه من بين الصلب والترائب أن أكثره ينفصل من هذين الموضعين لإحاطتهما بسور البدن ، والذي ينفصل من اليدين ومن الدماغ يمر عليهما أيضا . وطالما أعطى للأكثر حكم الكل وهذا المعنى يشمل ماء الرجل وماء المرأة ، ويحتمل أن يقال : أريد به ماء الرجل فقط إما بناء على حكم التغليب وإما بناء على مذهب من لا يرى للمرأة ماء ولا سيما دافقا . وذهب جم غفير إلى أن الذي يخرج من بين الصلب ومادته من النخاع الآتي من الدماغ هو ماء الرجل ، والذي يخرج من الترائب وهي عظام الصدر الواحدة تربية هو ماء المرأة . وإنما لم يقل من ماءين لاختلاطهما في الرحم واتحادهما عند ابتداء خلق الجنين . وقد يقال : العظم والعصب من ماء الرجل ، واللحم والدم من ماء المرأة ، وقد ورد في الخبر أن أي الماءين علا وغلب فإن الشبه يكون منه) .
٤٠ - جلال الدين المحلي (ت٨٦٤هـ)
قال في تفسيره : (يخرج من بين الصلب للرجل والترائب للمرأة ، وهي عظام الصدر) .
٤١ - برهان الدين البقاعي (ت٨٨٥هـ)
قال في نظم الدرر : (ولم يقل : ماءين - إشارة إلى أنهما يجتمعان في الرحم ويمتزجان أشد امتزاج بحيث يصيران ماء واحدا ، ولما كان المراد به ماء الرجل وماء المرأة قال : {يخرج} وبعض بإثبات الجار فأفهم الخروج عن مقره بقوله : {من بين الصلب} أي صلب الرجل وهو عظم مجتمع من عظام مفلكة أحكم ربطها غاية الإحكام من لدن الكاهل إلى عجب الذنب {والترائب} أي ترائب المرأة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة ، وصوبه ابن جرير ، أو ما ولي الترقوتين منه ، أو ما بين الثديين والترقوتين أو أربعة أضلاع من يمنة الصدر ، وأربعة من يسرته ، أو اليدان والرجلان والعينان ، وعلى كل تقدير شهوتها من أمامها وشهوة الرجل فيما غاب عنه من ورائه ، ولو نزع الخافض لأفهم أن الماء يملأ البين المذكور ولم يفهم أنه يخرج عن صاحبي البين ، قال البيضاوي : ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند الأنثيين ، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ، ولذلك تشبهه ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه وله خليفة وهو النخاع وهو في الصلب ، وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر . وقال الملوي : فالذي أخرجه من ظروف عظام الصلب والترائب إلى أن صيره في محله من الأنثيين إلى أن دفق واعتنى بعد ذلك بنقله من خلق إلى خلق بعد كل أربعين يوما إلى أن صيره إنسانا يعقل ويتكلم ويبني القصور ، ويهدم الصخور ، قادر على بعثه) .
٤٢ - أحمد الكوراني (ت٨٩٣هـ)
قال في غاية الأماني : (صلب الرجل وترائب المرأة : موضع القلادة ، أو ما بين ثدييها . كذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، جمع تربة . ولا ينافي قول الأطباء أنه يتولد من جميع أجزاء البدن بعد الهضم الرابع ، فيأخذ من كل عضو ما يستعد لأن يكون عضوا آخر مثله ، لأنه نبه مع الاختصار على الأعضاء التي هي أصول في التولد ، وذلك أن الترائب تشمل القلب والكبد والكلى ، والصلب الدماغ ، لاتصال النخاع بالدماغ ، وينزل من الدماغ شعب إلى مقدم البدن ، وهي الترائب ، على أنّ كلامهم مبناه على الأوهام والظنون ، وكلام اللّه تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه) .
٤٣ - معين الدين الأيجي (ت٩٠٥هـ)
قال في جامع البيان : (وهو الممتزج من ماء الرجل والمرأة ، يخرج من بين الصلب ، صلب الرجل ، والترائب : ترائب المرأة ، وهي عظام صدرها) .
٤٤ - نعمة الله النخجواني (ت٩٢٠هـ)
قال في الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية : (يخرج ذلك الماء المهين من بين الصلب والترائب ، أي من ظهر الرجل وصدر المرأة) .
٤٥ - الخطيب الشربيني (ت٩٧٧هـ)
قال في السراج المنير : (أي : للرجل وهو عظام الظهر ، والترائب أي : للمرأة جمع تريبة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة ، وعن عكرمة : الترائب ما بين ثدييها ، وقيل : الترائب التراقي ، وقيل : أضلاع الرجل التي أسفل الصدر . وحكى الزجاج : أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربعة أضلاع من يسرة الصدر . وقال ابن عادل جاء في الحديث : أن الولد يخلق من ماء الرجل يخرج من صلبه العظم والعصب ، ومن ماء المرأة يخرج من ترائبها اللحم والدم . وحكى القرطبي : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثيين ، وهذا لا يعارضه قوله تعالى : من بين الصلب والترائب ، لأنه ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثين) .
٤٦ - أبو السعود العمادي (ت٩٨٢هـ)
قال في إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم : (والمراد به الممتزج من الماءين في الرحم كما ينبىء عنه قوله تعالى يخرج من بين الصلب والترائب أي صلب الرجل وترائب المرأة وهي عظام صدرها ، قالوا إن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعدّ لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ومقرّها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين فالدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ولذلك تشبهه ويورث الإفراط في الجماع الضعف فيه وله خليفه هي النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب وهما أقرب إلى أوعية المنيّ فلذلك خصّا بالذكر) .
٤٧ - شهاب الدين الخفاجي (ت١٠٦٩هـ)
قال في حاشيته على تفسير البيضاوي : (قوله : (ولو صح أن النطفة الخ) إشارة إلى ما طعن به بعض الملحدة بأن النطفة لا تخرج من بين الصلب والترائب ، سواء أريد مخرجها البعيد أو القريب ، وفي قوله : (لو صح) إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه غير صحيح ، فإنه مبني على تخيلات لا أصل لها ، فاللائق بنا أن نتبع ما نطق به الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وندع التقليد لمثل هؤلاء . قوله : (من فضل الهضم الرابع) إشارة إلى ما تقرر في الطب من أن الغذاء ينضهم أولا في الفم بالمضغ ، وثانيا في المعدة بطبخها له بالحرارة الطبيعية الموقدة في مطبخها ، ثم تجذب صفوته بعروق متصلة بها إلى الكبد فتهضمه هضما ثالثا ، ثم إلى الأعضاء جميعها فينهضم فيها هضما رابعا بعده لتنمية الأعضاء وبقائها ، وما زاد على ذلك ينفصل عن جميع الأعضاء إلى مقر المني بعد أن أودع فيه خلاق القوى والقدر ما يستعد به للتوليد والتخلق ، وقوله : ومقرها الخ شروع في بيان ما طعن به بأن مقرها العروق المذكورة ومبدؤها جميع الأعضاء فكيف يكون مخرجها بين الصلب والترائب . قوله : (إن الدماغ أعظم الأعضاء الخ) هذا شروع في الجواب بعد المنع المشار إليه بقوله : لو صح أي لا نسلم صحته ، ولا يلزمنا تأويل كلام الله ليوافق خيالات هؤلاء ، ولو سلم تولده من جميع الأعضاء فأعظمها في ذلك الدماغ ، ولذا كان المني مشابها له لونا ورطوبة ، وغير ذلك ورأينا مكثر الجماع يضعف دماغه فدلنا ذلك على أن له دخلا قويا في التوليد ، وقوله : بالضعف الباء متعلقة بالإسراع للتعدية أي يجعل الإفراط في الجماع الضعف سريعا فيه ، وقوله : وله أي للدماغ خليفة أي قائم مقامه في كل ما يكون كالمعونة المذكورة ، والنخاع مثلث النون خيط أبيض في جوف عظم الرقبة ممتد إلى الصلب ويتشعب منه شعب كثيرة إلى الأضلاع وينزل إلى الترائب على ما بين في علم التشريح ، والصلب والترائب أقرب إلى وعاء المني في مقره فلهما زيادة مدخل في توليدها وقرب مقرها بالنسبة إلى سائر الأعضاء ، ولذلك خصا بالذكر من بينها . قوله : (وشعب كثيرة الخ) ، قيل عليه إن تلك الشعب أعصاب لا تجويف لها فلا تعلق لها بالدماغ ، وتخصيص الترائب بالنساء غير ظاهر وقد مر ما فيه ، ثم قيل إن الوجه ان النخاع والقوى الدماغية والقلب كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا للتوليد وقوله : بين الصلب والترائب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب تشمل القلب ، والكبد وشمولها للقلب أظهر ، والصلب النخاع ويتوسطه الدماغ ولم يحتج للتنبيه على مكان الكبد لظهوره لأنه دم نضج ، وإنما ينبه على ما خفي كالصلب والدماغ (قلت) ولو جعل قوله من بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد) .
٤٨ - إسماعيل الخلوتي البروسوي (ت١١٢٧هـ)
قال في روح البيان في تفسير القرآن : (والمراد به الممتزج من الماءين فى الرحم كما ينبئ عنه ما بعده فى الآية ، وللنظر إلى امتزاجهما عبر عنهما بصيغة الإفراد ، ووصف الماء الممتزج بالدافق من قبيل توصيف المجموع بوصف بعض أجزائه ، يخرج ذلك الماء الدافق من بين الصّلب والتّرائب ، الصلب : الشديد ، وباعتباره سمى الظهر صلبا ، أى من بين ظهر الرجل وترائب المرأة ، وهى ضلوع صدرها وعظام نحرها حيث تكون القلادة ، وكل عظم من ذلك تربية ، وإيراد بين إشارة إلى ما يقال أن النطفة تتكون من جميع اجزاء البدن ولذلك يشبه الولد والديه غالبا فيجتمع ماء الرجل فى صلبه ثم يجرى منه ، ويجتمع ماء المرأة فى ترائبها ثم يجرى منها ، وفى قوت القلوب : أصل المنى هو الدم يتصاعد فى خرزات الصلب وهناك مسكنه ، فتنضجه الحرارة فيستحيل أبيض ، فإذا امتلأت منه خرزات الصلب وهو الفقار طلب الخروج من مسلكه ، وهو عرقان متصلان الى الفرج منهما ينزل المني) .
٤٩ - ابن عجيبة (ت١٢٢٤هـ)
قال في البحر المديد : (ولم يقل : من ماءين؛ لامتزاجهما في الرحم واتحادهما . {يخرج من بين الصلب والترائب} أي : صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي عظام صدرها ، حيث تكون القلادة ، وقيل : العظم والعصب من الرجل ، واللحم والدم من المرأة ، وقال بعض الحكماء : إن النظفة تتولد من فضل الهضم الرابع ، وتنفصل عن جميع الأعضاء ، حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها على بعض عند البيضتين ، فالدماغ أعظم معونة في توليدها ، ولذلك كان الإفراط في الجماع يورث الضعف فيه ، وله خليفة هو النخاع ، وهو في الصلب ، وفيه شعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني ، فلذا خصا بالذكر ، فالمعنى على هذا : يخرج من بين صلب الرجل وترائبه وصلب المرأة وترائبها ، وهو الأحسن ، وبه صدر ابن جزي) .
٥٠ - المظهري (ت١٢٢٥هـ)
قال في تفسيره : (صلب الرجل : أى ظهره ... والتّرائب : أى ترائب المرأة .... فى البيضاوي أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد بأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها عند البيضتين ، والدماغ أعظم الأعضاء معونة فى توليدها لذلك تشيع وتسرع الفراط فى الجماع بالضعف ، وله خليفة وهو النخاع وهو فى الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر) .
٥١ - الإمام الشوكاني (ت١٢٥٠هـ)
قال في فتح القدير : (وأراد سبحانه ماء الرجل والمرأة لأن الإنسان مخلوق منهما ، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما ، ثم وصف هذا الماء فقال : يخرج من بين الصلب والترائب أي : صلب الرجل ، وترائب المرأة ، والترائب : جمع تريبة ، وهي موضع القلادة من الصدر ..... وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل : إن المعنى : يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية ، لأن نسبة خروجه إلى بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
٥٢ - أبو الطيب القنوجي (ت١٣٠٧هـ)
قال في فتح البيان في مقاصد القرآن : (وأراد سبحانه ماء الرجل والمرأة لأن الإنسان مخلوق منهما لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما .... (يخرج من بين الصلب والترائب) أي صلب الرجل وترائب المرأة وهي جمع تريبة وهي موضع القلادة من الصدر ، والولد لا يكون إلا من الماءين ، ... وقيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل أن المني يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى ما بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
٥٣ - محمد بن عمر البنتني (ت١٣١٦هـ)
قال في تفسيره مراح لبيد لكشف معاني القرآن المجيد : (يخرج من بين الصلب والترائب ، أي من صلب ماء الرجل ومن عظام صدر المرأة ، وقال الحسن : يخرج من صلب الرجل وترائبه ومن صلب المرأة وترائبها ، وحكى القرطبي أن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يتجمع في الأنثيين) .
٥٤ - الشيخ عبدالرحمن السعدي (ت١٣٧٦هـ)
قال في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : (وهو : المني الذي {يخرج من بين الصّلب والتّرائب} يحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، وهي ثدياها . ويحتمل أن المراد المني الدافق ، وهو مني الرجل ، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه ، ولعل هذا أولى ، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق ، والذي يحس ويشاهد دفقه هو مني الرجل ، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل ، فإن الترائب للرجل بمنزلة الثديين للأنثى ، فلو أريدت الأنثى لقال : " من بين الصلب والثديين " ونحو ذلك ، والله أعلم)
٥٥ - سيد قطب (ت١٣٨٥هـ)
قال في ظلال القرآن : (إنه خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ، خلق من هذا الماء الذي يجتمع من صلب الرجل وهو عظام ظهره الفقارية ، ومن ترائب المرأة وهي عظام صدرها العلوية .. ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل ، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة . حيث يلتقيان في قرار مكين فينشأ منهما الإنسان) .
٥٦ - عبدالكريم الخطيب (ت بعد١٣٩٠هـ)
قال في التفسير القرآني للقرآن : (وقوله تعالى : يخرج من بين الصّلب والتّرائب : إشارة إلى مورد هذا الماء الدافق ، وأنه ماء مخرجه من بين الصلب والترائب .. والصلب ، فقار الظهر ، والمراد به صلب الرجل ، أي ظهره . والترائب : جمع تريبة ، وهى موضع القلادة من الصدر .. والمراد بالتربية هنا تريبة المرأة .. فالماء الذي يخلق منه الإنسان ، هو ماء الرجل والمرأة معا ، حين يلتقيان فى رحم المرأة .. وفى وصف الماء بالتدفق ، إشارة إلى أنه ماء قد خرج خروجا طبيعيا ، بعد أن استوى ونضج فى صلب الرجل ، وتربية المرأة ، وأنه ليس ماء انتزع انتزاعا من موضعه قبل أن ينضج ويستوي) .
٥٧ - محمد الأمين الشنقيطي (ت١٣٩٣هـ)
قال في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : (فاعلم أنّه تعالى بيّن أنّ ذلك الماء الّذي هو النّطفة ، منه ما هو خارج من الصّلب ، أي : وهو ماء الرّجل ، ومنه ما هو خارج من التّرائب وهو : ماء المرأة ، وذلك في قوله - جلّ وعلا - : فلينظر الإنسان ممّ خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصّلب والتّرائب لأنّ المراد بالصّلب صلب الرّجل وهو ظهره ، والمراد بالتّرائب : ترائب المرأة وهي موضع القلادة منها) .
٥٨ - الطاهر بن عاشور (ت١٣٩٣هـ)
قال في تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد : (والصلب : العمود العظمي الكائن في وسط الظهر وهو ذو الفقرات ، والترائب : جمع تريبة ، ويقال : تريب ، ومحرر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقوتين والثديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة ، والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة ، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال ، وقوله : يخرج من بين الصلب والترائب : الضمير عائد إلى ماء دافق وهو المتبادر ، فتكون جملة يخرج حالا من ماء دافق ، أي : يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه ، وبهذا قال سفيان والحسن ، أي أن أصل تكون ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب ، وليس المعنى : أنه يمر بين الصلب والترائب ، إذا لا يتصور ممر بين الصلب والترائب ، لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورئتين ، فجعل الإنسان مخلوقا من ماء الرجل لأنه لا يتكون جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل ، فإذا اختلط ماء الرجل بما يسمى ما ء المرأة ، وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بويضات دقيقة يثبت منها ما يتكون منه الجنين ، ويطرح ما عداه .
وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل ، مع التنبيه على أن خلق الإنسان من ماء الرجل وماء المرأة بذكر الترائب ، لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة ، ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة ، فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية ، وهي خيوط مستطيلة مؤلفة من طرف مسطح بيضوي الشكل ، وذنب دقيق كخيط ، وهذه الخيوط يكون منها تلقيح النسل في رحم المرأة ، ومقرها الأنثيان وهما الخصيتان ، فيندفع إلى رحم المرأة ، ومن ماءٍ هو للمرأة كالمني للرجل ، ويمسى ماء المرأة ، وهو بويضات دقيقة كروية الشكل تكون في سائل مقره حويصلة من حويصلات يشتمل عليها مبيضان للمرأة ، وهما بمنزلة الأنثيين للرجل ، فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة ، وكل مبيض يشتمل على عدد من الحويصلات يتراوح من عشر إلى عشرين ، وخروج البيضة من الحويصلة يكون عند انتهاء نمو الحويصلة ، فإذا انتهى نموّها انفجرت فخرجت البيضة في قناة تبلغ بها إلى تجويف الرحم ، وإنما يتم بلوغ البيض النمو وخروجها من الحويصلة في وقت حيض المرأة ، فذلك يكثر العلوق إذا باشر الرجل المرأة بقرب انتهاء حيضها .
وأصل مادة كلا الماءين : مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين ، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع وهو الصلب ، ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحبل المنوي مؤلف من شرايين وأوردة وأعصاب وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تفرزان المني ، فيتكون هنالك بكيفية دهنية وتبقى منتشرة في الأنثيين إلى أن تفرزها الأنثيان مادة دهنية شحمية ، وذلك عند دغدغة ولذع القضيب المتصل بالأنثيين فيندفق في رحم المرأة .
وأما بالنسبة إلى المرأة : فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب ، لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحامل للبويضات التي منها النسل ، والحيض يسيل من فوهات عروق في الرحم ، وهي عروق تنفتح عند حلول إبان المحيض وتنقبض عقب الطهر . والرحم يأتيها عصب من الدماغ ، وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم ، وهو إشارة مجملة وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة ، فقال : تغتسل إذا أبصرت الماء فقيل له : أترى المرأة ذلك فقال : وهل يكون الشبه إلا من قبل ذلك ؟ إذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه الولد أخواله ، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 المرحلة الثالثة : أقوال المفسرين بعد اكتشافات الطب الحديث
٥٩ - جمال الدين القاسمي (ت١٣٣٢هـ)
قال في محاسن التأويل : (وقوله تعالى : يخرج من بين الصّلب والتّرائب أي من بين صلب الرجل ونحر المرأة . قال الإمام : الصلب هو كل عظم من الظهر فيه فقار . ويعبر عنه في كلام العامة بسلسلة الظهر . وقد يطلق بمعنى الظهر نفسه إطلاقا لاسم الجزء على الكل . والترائب : موضع القلادة من الصدر ، وكنى بالصلب عن الرجل وبالترائب عن المرأة ، أي أن ذلك الماء الدافق إنما يكون مادة لخلق الإنسان إذا خرج من بين الرجل والمرأة ووقع في المحل الذي جرت عادة الله أن يخلقه فيه ، وهو رحم المرأة ..... وقال بعض علماء الطب : … قال : ومعنى الآية أن المني باعتبار أصله وهو الدم يخرج من شيء ممتد بين الصلب - أي فقرات الظهر في الرجل - والترائب أي عظام صدره . وذلك الشيء الممتد بينهما هو الأبهر (الأورطي) وهو أكبر شريان في الجسم يخرج من القلب خلف الترائب ويمتد إلى آخر الصلب تقريبا ، ومنه تخرج عدة شرايين عظيمة ، ومنها شريانان طويلان يخرجان منه بعد شرياني الكليتين وينزلان إلى أسفل البطن حتى يصلا إلى الخصيتين فيغذيانهما ، ومن دمهما يتكون المني في الخصيتين يسميان شرياني الخصيتين ، أو الشريانين المنويين ، فلذا قال تعالى عن المني : يخرج من بين الصّلب والتّرائب لأنه يخرج من مكان بينهما وهو الأورطي أو الأبهر . وهذه الآية على هذا التفسير تعتبر من معجزات القرآن العلمية ، وهذا القول أوجه وأدق من التفسير الأول . انتهى) .
٦٠ - أحمد بن مصطفى المراغي (ت١٣٦٥هـ)
قال في تفسيره : (الصلب : الظهر ، والترائب : عظام صدر المرأة ، والمراد من بين صلب الرجل وترائب المرأة .... أي خُلق من ماء مدفوق يخرج من الظهر والترائب لكل من الرجل والمرأة ، فهو إنما يكون مادة لخلق الإنسان إذا خرج من بين الرجل والمرأة ووقع فى رحم المرأة . والخلاصة : أن الولد يتكون من منى مدفوق من الرجل ، فيه جرثومة حية دقيقة لا ترى إلا بالآلة المعظمة (الميكرسكوب) ، ولا تزال تجرى حتى تصل إلى جرثومة نظيرتها من جراثيم المرأة وهى البويضة ، ومتى التقت الجرثومتان اتحدتا وكونتا جرثومة الجنين ، وقد استفتيت في نظرية الحمل وكيفية تكوين الجنين النطاسيَ البارعَ عبدَالحميد العرابى بك وكيل مستشفى الملك سابقا ، فأجابنى حفظه الله بما يأتي :
كيفية حصول الحمل ونمو الجنين فى الرحم
قال الله تعالى : فلينظر الإنسان ممّ خلق ؟ خُلق من ماء دافق . يخرج من بين الصّلب والتّرائب ، وقال أيضا : ونقرّ في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى . اعلم أخى وفقك الله أن فى هاتين الآيتين وما شاكلهما من الآيات سرا من أسرار التنزيل ووجها من وجوه إعجازه ، إذ فيهما معرفة حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنا .
بيان هذا : أن صلب الإنسان هو عموده الفقرى (سلسلة ظهره) وترائبه هى عظام صدره ، ويكاد معناها يقتصر على حافة الجدار الصدرى السفلى ، وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا فى منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب ، وذهب فيها المفسرون مذاهب شتى ، على قدر ما أوتى كل منهم من علم وإن كان بعيدا عن الفهم الصحيح والرأى السديد ، ذاك أنه فى الأسبوع السادس والسابع من حياة الجنين فى الرحم ينشأ فيه ما يسمى (جسم وولف وقناته) على كل جانب من جانبى العمود الفقرى ، ومن جزءٍ من هذا تنشأ الكلى وبعض الجهاز البولى ، ومن جزء آخر تنشأ الخصية فى الرجل والمبيض فى المرأة ، فكلٌّ من الخصية والمبيض فى بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب ، أي ما بين منتصف العمود الفقرى تقريبا ومقابل أسفل الضلوع ، ومما يفسر لنا صحة هذه النظرية أن الخصية والمبيض يعتمدان فى نموهما على الشريان الذي يمدهما بالدم ، وهو يتفرع من الشريان الأورطي فى مكان يقابل مستوى الكلى الذي يقع بين الصلب والترائب ، ويعتمدان على الأعصاب التي تمد كلا منهما وتتصل بالضفيرة الأورطية ثم بالعصب الصدرى العاشر ، وهو يخرج من النخاع من بين الضلع العاشر والحادي عشر ، وكل هذه الأشياء تأخذ موضعها فى الجسم فيما بين الصلب والترائب ، فإذا كانت الخصية والمبيض فى نشأتهما وفى إمدادهما بالدم الشرياني وفى ضبط نشوئهما بالأعصاب قد اعتمدتا فى ذلك كله على مكان فى الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ، ولم يكشفه العلم إلا حديثا بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول ذلك الكتاب ، هذا وكلٌّ من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ فى الهبوط إلى مكانه المعروف ، فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها فى الصفن ، ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه فى الحوض بجوار بوق الرحم ، وقد يحدث فى بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية فى طريقها ولا تنزل إلى الصفن ، فتحتاج إلى عملية جراحية حتى تصل إلى وضعها فى الموضع الطبيعي ، هذا والإنسان يبدأ حياته جنينا ، والجنين يتكون من تلقيح بويضة تخرج من المبيض مندفعة نحو بوق الرحم بالحيوان المنوي الذي تفرزه خصية الرجل ، ويكون التلقيح فى الغالب فى داخل أحد البوقين أو فيهما معا ، ثم تسير البويضة فى طريقها إلى الرحم حتى تستقر فى قرار مكين إلى أجل مسمى ، هذا إذا صادفها أحد الحيوانات المنوية ، أما إذا أخطأها التلقيح فتكون ضمن الإفرازات الرحمية التي تطرد فى خارج الجسم .
ومما يلاحظ أن إفراز البويضات عند المرأة هو عملية فسيولوجية شهرية لا علاقة لها بالاجتماع الجنسي ، غير أن هذا الاجتماع ضرورى لعملية التلقيح بالحيوان المنوي الذي يسبح فى ماء الرجل ، ومما سبق تعلم أن الماء الدافق يكون من كلٍّ من الرجل والمرأة ، أما ماء الرجل فيتكون من الحيوانات المنوية وسوائل أخرى تفرزها الخصية والبروستاتة والحويصلات المنوية ، وهذه السوائل كلها جعلت مباءة ومستقرا للحيوان المنوي الذي يدونه لا يتم التلقيح ، وهكذا الحال فى البويضات التي يفرزها مبيض المرأة ، فإنها بعد أن تكون فى المبيض على شكل حويصلة صغيرة تسمى حويصلة (جراف) تنمو وتبلغ أشدها فى نحو شهر حتى تقترب من المبيض ، ثم تنفجر كما تنفجر الفقاعة وتندفع منها البويضات مع السائل الذي خرج من الفقاعة إلى البوق حيث يقابلها حيوان منوى يقوم بعملية التلقيح ، وكلا الماءين : ماء الرجل وماء المرأة دافق ، أي ينصب مندفعا ، وهذا هو الحاصل فعلا ، ومن هذا يتبين بوضوح أن الإنسان خلق ونشأ من الماء الدافق (ماء الرجل وأهم ما فيه الحيوان المنوي وماء المرأة وأهم ما فيه البويضة) الذي ينصب مندفعا من عضوين هما الخصية والمبيض ، ومنشؤهما وغذاؤهما وأعصابهما كلها بين الصلب والترائب) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 محاولات بعض المفسرين التوفيق بين التفسير القديم للآية وأقوال أبقراط وجالينوس
وقد مرت أقوالهم فيما سبق ، وهنا إعادة اقتباس للشاهد من كلامهم رحمهم الله .
🔸 قال النحاس : (هذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنه يُروى أن الماء يخرج من البدن كله حتى من كل شعره) .
🔸 وقال القرطبي : (وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ، ثم يجتمع في الأنثيين . وهذا لا يعارض قوله : من بين الصلب ، لأنه إن نزل من الدماغ ، فإنما يمر بين الصلب والترائب …. ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن ، ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا ، وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني . وأيضا المكثر من الجماع يجد وجعا في ظهره وصلبه ، وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء) . وقد نقل قوله هذا بعض المفسرين كابن عادل والشربيني والبنتني .
🔸 وقال البيضاوي : (ولو صح أن النطفة تتولد من فضل الهضم الرابع وتنفصل عن جميع الأعضاء حتى تستعد لأن يتولد منها مثل تلك الأعضاء ، ومقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين ، فلا شك أن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليدها ، وولذلك تشبهه ، ويسرع الإفراط في الجماع بالضعف فيه وله خليفة وهو النخاع وهو في الصلب وشعب كثيرة نازلة إلى الترائب ، وهما أقرب إلى أوعية المني فلذلك خصا بالذكر) ، وقد نقل قوله هذا بعض المفسرين كالبقاعي والمظهري ، وذكر آخرون كلاما قريبا منه كالخازن وأبي السعود وابن عجيبة والشوكاني .
🔸 وقال النظام النيسابوري : (ومعنى خروجه من بين الصلب والترائب أن أكثره ينفصل من هذين الموضعين لإحاطتهما بسور البدن ، والذي ينفصل من اليدين ومن الدماغ يمر عليهما أيضا) .
🔸 وقال الشهاب الخفاجي : (ثم قيل إن الوجه ان النخاع والقوى الدماغية والقلب كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا للتوليد وقوله : بين الصلب والترائب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب تشمل القلب ، والكبد وشمولها للقلب أظهر ، والصلب النخاع ويتوسطه الدماغ ولم يحتج للتنبيه على مكان الكبد لظهوره لأنه دم نضج ، وإنما ينبه على ما خفي كالصلب والدماغ (قلت) ولو جعل قوله من بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد) .
🔸 وقال الخلوتي : (وإيراد “بين” إشارة إلى ما يقال أن النطفة تتكون من جميع اجزاء البدن ولذلك يشبه الولد والديه غالبا فيجتمع ماء الرجل فى صلبه ثم يجرى منه ، ويجتمع ماء المرأة فى ترائبها ثم يجرى منها) .
🔸 وقال أبو الطيب القنوجي : (وقيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل أن المني يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى ما بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
🔹 قال الماتريدي : (ثم من الناس من صرف تأويلها إلى الرجل خاصة … وزعم أن الماء الذي يكون منه الولد ليس معدنه الصلب خاصة ؛ بل يجتمع من أطرافه كلها) .
🔹 وقال أبو بكر بن العربي : (وقد قال الأطباء : إنه الدم الذي تطبخه الطبيعة بواسطة الشهوة ، وهذا ما لا سبيل إلى معرفته أبدا إلا بخبر صادق ، وأما القياس فلا مدخل له فيه ، والنظر العقلي لا ينتهي إليه ، وكل ما يصفون فيه دعوى يمكن أن تكون حقا ، بيد أنه لا سبيل إلى تعيينها كما قدمنا ، ولا دليل على تخصيصها حسبما أوضحنا ، والذي يدل على صحة ذلك من جهة الخبر قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة . وهي الدم ، فأخبر تعالى أن الدم هو الطور الثالث ، وعند الأطباء أنه الطور الأول ، وهذا تحكم ممن يجهل) .
🔹 وقال الرازي : (واعلم أن الملحدين طعنوا في هذه الآية ، فقالوا : إن كان المراد من قوله : يخرج من بين الصلب والترائب أن المني إنما ينفصل من تلك المواضع فليس الأمر كذلك ، لأنه إنما يتولد من فضلة الهضم الرابع ، وينفصل عن جميع أجزاء البدن حتى يأخذ من كل عضو طبيعته وخاصيته ، فيصير مستعدّا لأن يتولد منه مثل تلك الأعضاء ، ولذلك فإن المفرط في الجماع يستولي الضعف على جميع أعضائه ...... الجواب : لا شك أن أعظم الأعضاء معونة في توليد المني هو الدماغ ، والدماغ خليفة وهي النخاع وهو في الصلب ، وله شعب كثيرة نازلة إلى مقدم البدن وهو التريبة ، فلهذا السبب خص الله تعالى هذين العضوين بالذكر ، على أن كلامكم في كيفية تولد المني ، وكيفية تولد الأعضاء من المني محض الوهم والظن الضعيف ، وكلام الله تعالى أولى بالقبول) .
🔹 وقال الكوراني : (ولا ينافي قول الأطباء أنه يتولد من جميع أجزاء البدن بعد الهضم الرابع ، فيأخذ من كل عضو ما يستعد لأن يكون عضوا آخر مثله ، لأنه نبه مع الاختصار على الأعضاء التي هي أصول في التولد ، وذلك أن الترائب تشمل القلب والكبد والكلى ، والصلب الدماغ ، لاتصال النخاع بالدماغ ، وينزل من الدماغ شعب إلى مقدم البدن ، وهي الترائب ، على أنّ كلامهم مبناه على الأوهام والظنون ، وكلام اللّه تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه) .
🔹 وقال شهاب الدين الخفاجي : ( إشارة إلى ما طعن به بعض الملحدة بأن النطفة لا تخرج من بين الصلب والترائب ، سواء أريد مخرجها البعيد أو القريب ، وفي قوله : (لو صح) إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه غير صحيح ، فإنه مبني على تخيلات لا أصل لها ، فاللائق بنا أن نتبع ما نطق به الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وندع التقليد لمثل هؤلاء … ولا يلزمنا تأويل كلام الله ليوافق خيالات هؤلاء) .
🔸 قال معمر بن أبي حبيبة : (الترائب : عصارة القلب ، ومنه يكون الولد) .
🔸 وقال الأعمش وابن عادل والشربيني والقرطبي والزمخشري : (يخلق العظام والعصب من ماء الرجل ، ويخلق الدم واللحم من ماء المرأة) .
🔸 وقال مقاتل : (فأما ماء الرجل فإنه أبيض غليط منه العصب والعظم ، وأما ماء المرأة فإنه أصفر رقيق منه اللحم والدم والشعر) .
🔸 وقال السمعاني : (وفي الخبر أنه يخرج من كل خرزة من صلبه) .
🔸 وقال سيد قطب : (ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل ، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة) .
🔸 وقال الطاهر بن عاشور : (أصل مادة كلا الماءين : مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين ، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع وهو الصلب ، ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحبل المنوي مؤلف من شرايين وأوردة وأعصاب وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تفرزان المني … وأما بالنسبة إلى المرأة : فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب ، لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحامل للبويضات التي منها النسل … وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم) .
🔸 وقال النظام النيسابوري : (ومعنى خروجه من بين الصلب والترائب أن أكثره ينفصل من هذين الموضعين لإحاطتهما بسور البدن ، والذي ينفصل من اليدين ومن الدماغ يمر عليهما أيضا) .
🔸 وقال الشهاب الخفاجي : (ثم قيل إن الوجه ان النخاع والقوى الدماغية والقلب كلها تتعاون في إبراز ذلك الفضل على ما هو عليه قابلا للتوليد وقوله : بين الصلب والترائب عبارة مختصرة جامعة لتأثير الأعضاء الثلاثة فالترائب تشمل القلب ، والكبد وشمولها للقلب أظهر ، والصلب النخاع ويتوسطه الدماغ ولم يحتج للتنبيه على مكان الكبد لظهوره لأنه دم نضج ، وإنما ينبه على ما خفي كالصلب والدماغ (قلت) ولو جعل قوله من بين الصلب والترائب كناية عن البدن كله لم يبعد) .
🔸 وقال الخلوتي : (وإيراد “بين” إشارة إلى ما يقال أن النطفة تتكون من جميع اجزاء البدن ولذلك يشبه الولد والديه غالبا فيجتمع ماء الرجل فى صلبه ثم يجرى منه ، ويجتمع ماء المرأة فى ترائبها ثم يجرى منها) .
🔸 وقال أبو الطيب القنوجي : (وقيل إن ماء الرجل ينزل من الدماغ ولا يخالف هذا ما في الآية لأنه إذا نزل من الدماغ نزل من بين الصلب والترائب ، وقيل أن المني يخرج من جميع أجزاء البدن ، ولا يخالف هذا ما في الآية لأن نسبة خروجه إلى ما بين الصلب والترائب باعتبار أن أكثر أجزاء البدن هي الصلب والترائب وما يجاورها وما فوقها مما يكون تنزله منها) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 طعن بعض المفسرين بأقوال أبقراط وجالينوس بسبب مخالفتها لما فهموه من النص القرآني
وقد مرت أقوالهم فيما سبق ، وهنا إعادة اقتباس للشاهد من كلامهم رحمهم الله .
🔹 وقال أبو بكر بن العربي : (وقد قال الأطباء : إنه الدم الذي تطبخه الطبيعة بواسطة الشهوة ، وهذا ما لا سبيل إلى معرفته أبدا إلا بخبر صادق ، وأما القياس فلا مدخل له فيه ، والنظر العقلي لا ينتهي إليه ، وكل ما يصفون فيه دعوى يمكن أن تكون حقا ، بيد أنه لا سبيل إلى تعيينها كما قدمنا ، ولا دليل على تخصيصها حسبما أوضحنا ، والذي يدل على صحة ذلك من جهة الخبر قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة . وهي الدم ، فأخبر تعالى أن الدم هو الطور الثالث ، وعند الأطباء أنه الطور الأول ، وهذا تحكم ممن يجهل) .
🔹 وقال الرازي : (واعلم أن الملحدين طعنوا في هذه الآية ، فقالوا : إن كان المراد من قوله : يخرج من بين الصلب والترائب أن المني إنما ينفصل من تلك المواضع فليس الأمر كذلك ، لأنه إنما يتولد من فضلة الهضم الرابع ، وينفصل عن جميع أجزاء البدن حتى يأخذ من كل عضو طبيعته وخاصيته ، فيصير مستعدّا لأن يتولد منه مثل تلك الأعضاء ، ولذلك فإن المفرط في الجماع يستولي الضعف على جميع أعضائه ...... الجواب : لا شك أن أعظم الأعضاء معونة في توليد المني هو الدماغ ، والدماغ خليفة وهي النخاع وهو في الصلب ، وله شعب كثيرة نازلة إلى مقدم البدن وهو التريبة ، فلهذا السبب خص الله تعالى هذين العضوين بالذكر ، على أن كلامكم في كيفية تولد المني ، وكيفية تولد الأعضاء من المني محض الوهم والظن الضعيف ، وكلام الله تعالى أولى بالقبول) .
🔹 وقال الكوراني : (ولا ينافي قول الأطباء أنه يتولد من جميع أجزاء البدن بعد الهضم الرابع ، فيأخذ من كل عضو ما يستعد لأن يكون عضوا آخر مثله ، لأنه نبه مع الاختصار على الأعضاء التي هي أصول في التولد ، وذلك أن الترائب تشمل القلب والكبد والكلى ، والصلب الدماغ ، لاتصال النخاع بالدماغ ، وينزل من الدماغ شعب إلى مقدم البدن ، وهي الترائب ، على أنّ كلامهم مبناه على الأوهام والظنون ، وكلام اللّه تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه) .
🔹 وقال شهاب الدين الخفاجي : ( إشارة إلى ما طعن به بعض الملحدة بأن النطفة لا تخرج من بين الصلب والترائب ، سواء أريد مخرجها البعيد أو القريب ، وفي قوله : (لو صح) إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه غير صحيح ، فإنه مبني على تخيلات لا أصل لها ، فاللائق بنا أن نتبع ما نطق به الكلام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وندع التقليد لمثل هؤلاء … ولا يلزمنا تأويل كلام الله ليوافق خيالات هؤلاء) .
🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘🔘
🎯 أقوال أخرى للمفسرين تحتوي على معلومات خاطئة طبيا
وقد مرت أقوالهم فيما سبق ، وهنا إعادة اقتباس للشاهد من كلامهم رحمهم الله .
🔸 وقال الأعمش وابن عادل والشربيني والقرطبي والزمخشري : (يخلق العظام والعصب من ماء الرجل ، ويخلق الدم واللحم من ماء المرأة) .
🔸 وقال مقاتل : (فأما ماء الرجل فإنه أبيض غليط منه العصب والعظم ، وأما ماء المرأة فإنه أصفر رقيق منه اللحم والدم والشعر) .
🔸 وقال السمعاني : (وفي الخبر أنه يخرج من كل خرزة من صلبه) .
🔸 وقال سيد قطب : (ولقد كان هذا سرا مكنونا في علم الله لا يعلمه البشر ، حتى كان نصف القرن الأخير حيث اطلع العلم الحديث على هذه الحقيقة بطريقته وعرف أنه في عظام الظهر الفقارية يتكون ماء الرجل ، وفي عظام الصدر العلوية يتكون ماء المرأة) .
🔸 وقال الطاهر بن عاشور : (أصل مادة كلا الماءين : مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين ، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع وهو الصلب ، ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحبل المنوي مؤلف من شرايين وأوردة وأعصاب وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تفرزان المني … وأما بالنسبة إلى المرأة : فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب ، لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحامل للبويضات التي منها النسل … وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علم به للذين نزل بينهم) .
هذا رابط تفسير مبني على كتاب الله ...أرجوا الإضطلاع .
ردحذفhttps://www.facebook.com/110525181222183/posts/253565293584837/